السبت، 2 أبريل 2011

الحريـــــــــــــــــــــــــــــــــــة


إن اكتساح الاستعمار الأوربي للشرق حمل معه نسائم الفكر الليبرالي، هي لحظة الانبهار بالمفاهيم نتيجة الاتصال المباشر و قدوم الاستعمار وحركة الترجمة التي عرفتها المرحلة، فتأثر مفكرو المرحلة بمفاهيم غربية وان كانت درجاته متفاوتة، وندى مجموعة من المفكرين بمفهوم الحرية معتبرين إياه أساس أي تقدم. فكيف قارب الرواد هذا المفهوم؟
استفاد الليبراليون عن معاصريهم من السلفيين، حيث عملوا على إعلان القطيعة مع الماضي، رافضين أية فكرة داعية إلى جامعة إسلامية، متمسكين بالدولة القومية أو العلمانية التي تعد الحرية من بين ركائزها الأساسية.ولد مبدأ الحرية خلال عصر الأنوار فهو من أهم المفاهيم التي قامت عليه النهضة الأوربية، ففي الوقت الذي تجاوزت فيه القيم القديمة المؤسسة على التقليد والإيمان بالغيب والملكية المطلقة والرضوخ لسلطة الكنيسة، أعلنت  تمسكها بالحرية كانفلات من القيود التي كرستنها هذه الوضعية على الإنسان الغربي في حقبة معينة، فالحرية بهذا المعطى التجاوزي إبداعا وعقلا وفصلا بين سلطة الدين والدولة.
حاول الخطاب الليبرالي العربي أن يتماشى مع نظيره الغربي فدعا بحرية الفكر والعقيدة وحرية الرأي وأشار إلى ضرورة وجود حكم ديمقراطي على المستوي السياسي من أجل تحقيق الحرية السياسية والاجتماعية. ورفض بعض المفكرين الليبراليين تدخل الدين ورجالاته في الدولة والسياسة ، إن العلمانية حسب هذا التعبير هي دولة الحريات. لم يكونوا ليقبلوا أبدا بفكرة الجامعة الإسلامية لان فيها اعتداء على حقوق الأقليات مثل الأقلية المسيحية.  
يقارب رفاعة الطهطاوي في معرض حدثه عن مفهوم الحرية وضعا لها حدا، وقام بحصرها عند المباح فقط. والحرية في  "المرشد الأمين"  هي "رخصة العمل المباح من غير مانع غير مباح ولا معارض محظور"، وتعود جميع حقوق أهالي المملكة المتمدنة إلي الحرية لكن الموانع تكون ما استدعاه الشرع و أوامر المملكة العادلة على حد تعبيره إذ تنحصر المملكة في المأذون به شرعا وسياسيا وقانونيا، ولابد لهذا الشكل من الحرية أن يتواجد داخل دولة مركزية قوية فهو الشرط الذي يحدد ويحقق المفهوم.
حاول الليبراليون تجاوز مفهوم المستبد العادل، الذي يحكم بالسم الدين وتحقيقا له كأصل للحرية والعدل والمساواة، هدا التجاوز يبدو واضحا لدى المفكر عبد الرحمان الكواكبي في كتابه  "طبائع الاستبداد " وبشكل أخر عند المفكر العلمي شبلي الشميل إذ لا يقيد الحرية بالقانون حتى تقع الحرية في الاستبداد أو الاستبداد في الحرية.  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق