الثلاثاء، 22 مارس 2011

مقاربة الظاهرة الدينية وعلاقتها بالمجتمع


ترتبط الظاهرة الدينية بالإنسان، وشهدت الثقافات والحضارات المختلفة ديانات عبر العصور، بل لعب فيها الدين دورا مهما، وان كانت نسب هذا الدور متفاوتة. هناك من المفكرين من ذهب إلى أن الدين من الأمور التي سيطرت على الإنسان، والإحساس الديني من الخاصيات والطبائع الراسخة فيه. من المستحيل أن نتصور مجتمع إنسانيا دون أن تتبادر إلي الأذهان فكرة الدين. فماهية علاقة الدين بالمجتمع انطلاقا من بعض النظريات إلي تناولت الموضوع؟ 
ينبغي، ونحن ندرس الظاهرة الدينية، أن نتسلح بمناهج علمية ونتجنب أن نكون أبواق دين معين على حساب آخر، أو على الأقل أن نجهد أنفسنا على تحقيق الموضوعية كشرط ضروري للتعامل مع الدين، لان الدين ظاهرة إنسانية يؤدي فهم علاقتها بالإنسان إلى فهم الإنسان والمجتمع. لهذا يجب أن التعامل مع الدين كما نتعامل مع مختلف الظواهر الإنسانية الأخرى.
هذا هو منطق علم الأديان، إن مقارنة الأديان تعد ضرورة أساسية، ولكن ليس بالشكل المعهود الذي ألفناه في العلوم الدينية سواء في المسيحية أو الإسلام، إذ تأتي بالمقارنة كحجة لمواجهة الدين المنافس أو استصغار موقف الأخر بمقابلة نقاط الضعف لديه بنقاط الضعف لدى الذات، فيتم تقديم دين ما ضعيفا مقابل دين قوي.
  لقد تقدم علم لأديان وكثرت مصنفاته ومراجعه منذ الحرب العالمية الثانية، وانتقل الأمر من التأليف لفائدة الأديان أو ضدها، لإثباتها أو نقضها، إلا إن الشيء الجديد هو التحول إلى علم قائم بذاته يستفيد من مختلف العلوم الأخرى حتى يتفرد بمنهجه وميدان بحثه و آلياته الإجرائية. والتخصص في هذا العلم، نظرا لحداثة عهده وقلة متونه يستلزم دليلا إرشاديا وتبادل وجهات النظر بين الاختصاصيين،[1]
إن التسلح باجتهاد تأويلي لتجنب استنفاذ الجهد في مرحلة جمع المعطيات والوقائع الدينية ونشرها وتحليلها وبعد ذلك انه من الضروري هنا إخضاع هذه المعطيات لمنهج علمي قصد دراستها وتأويلها، فحين نربط بين الشكل الاقتصادي الظروف الاجتماعية والسياسية ويتطلع للكشف عن طبيعة العلاقة المتوطدة بين هذه العناصر والأديان التي تتبناها تلك المجموعات البشرية. إن مؤرخ الأديان لا يكفي أن يقول إن مجتمعا ما تسود الملكية المطلقة والاقتصادي الإقطاعي والزراعي المغلق ويدين بالمسيحية قد أنهى عمله ووصل إلى الحقيقة. لكن يجب استغلاله لفهم المجتمعات وتطورها التاريخي والشعوب البدائية لو لم تكن لها رغبة في صناعة التاريخ وتحقيق وجودها الفعلي الإنساني لما صنعت أديانها. يجب على مؤرخ الأديان أن يبذل  مزيدا من الجهد التفسيري والمقرانتي لفهم الظاهرة من مختلف الزوايا
اعتقد اغلب علما الأنتربولوجيا أن الإنسان في بداية عهده كان ذا تفكير بسيط ولم يستطع استيعاب الظواهر من حوله فشعر بوجود قوه روحية وراء الطبيعة تتحكم فيه هنا حاول التقرب منها بتقديم القربان لكسب رضاها واتقاء شرها، هكذا اعتقد الإنسان البدائي بوجود كيان روحي.
يعتقد  تايلور أن في كتابه "الثقافة البدائية" أن الإنسان امن بهاد الكيان الروحي انطلاقا من تجربه الجماعية كالموت والنوم والموت، فامن بان هذا الكائن منفصل عن الجسم ويستطيع العيش في غنا عنه، ونتيجة لهذا اعتقد الإنسان البدائي بوجود الأرواح والخيالات.
يعتقد أن المجتمع هو مصدر الدين شكلت دراسته للطوطمية وسط الأرونتا في أستراليا. الطوطمية هي نسق ديني تعتبر فيه بعض الأشياء خاصة الحيوانات والنباتات مقدسة، وترمز للعشيرة. واعتبر دوركايم أن الطوطمية هي الشكل الأكثر بدائية وبساطة للدين ويوازيها شكل بدائي من التنظيم الاجتماعي هو العشيرة . إذا تمكن من توضيح كيف أن العشيرة هي مصدر الطوطمية، يكون بإمكانه إثبات حجته أن المجتمع هو منبع الدين . فيما يلي عرض لحجة دوركايم " الدين الذي يرتبط مباشرة بالنسق الاجتماعي ويتفوق على كل ما سواه في بساطته يمكن اعتباره أكثر الأديان التي نعرفها أولية. وإذا نجحنا في اكتشاف أصل المعتقدات التي حللناها سابقاً، سيكون بإمكاننا في نفس الوقت اكتشاف الأسباب التي تؤدى إلى نشوء المشاعر الدينية لدى الإنسان ".
التمييز بين المقدس والمدنس وارتفاع بعض ظواهر الحياة الاجتماعية إلى المستوى المقدس، ولكن تضافرت معه شروط أخري وهي التمثلات التي تعبر عن طبيعة الأشياء المقدسة وعلاقاتها مع بعضها البعض أو مع الأشياء المدنس، بهذا المعطي يكون الدين نسق موحد من المعتقدات والممارسات تجاه الأشياء المقدسة، أي الأشياء التي تعتبر محرمة – المعتقدات والممارسات التي تتوحد في مجتمع أخلاقي واحد يعرف بالكنيسة وكل الذين يلتزمون بذلك.


[1] ميرتسيل اليادة البحث عن التاريخ والمعني في الدين، ترجمة المولى،

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق