الخميس، 14 أبريل 2011

منهجية كتابة بحث تاريخي


تقديم
تعد المنهجية من أهم ما يحرص عليه الباحث في حقل التاريخ أو في أي حقل أكاديمي آخر، ليس محترف التاريخ الذي يتمتع بدراية عالية من الخبرة هو من يعمل بقواعد المنهج فحسب بل حتى الطالب المبتدئ ولعلك ترى أن المنهجية هي ما يؤرق الطالب أكثر من أي شيء أخر.

فمنهج البحث التاريخي هو مجموعة الآليات و التقنيات التي يتبعها الباحث و المؤرخ للوصول إلى الحقيقة التاريخية. و إعادة بناء الماضي بكل وقائعه و زواياه ، بواسطته يقوم الباحث بتقصي الحوادث أو الوقائع التي حدثت في الماضي لإقامة تتابع للأحداث التي وقعت بالفعل، و تأطير السلوك الإنساني أو ترتيبه عبر كرونولوجيا الزمن الماضي.

وفي ما يلي أهم خطوات البحث التاريخي :

1-               اختيار الموضوع


قبل أن يجد الباحث موضوعا محددا فإنه " يختار العصر الذي سينجز فيه بحثه"[1]  "كان يبحث في التاريخ القديم أو الوسيط أو الحديث أو المعاصر"[2] ويكون أكثر تدقيقا  بتحديد الرقعة الجغرافية فإن اختار البحث في تاريخ سوس خلال القرن 18 هنا يحدد زمانا ومكانا دقيقين يسهلان عليه اختيار موضوع للبحث، فبعد هذا التحديد الأولي يكون لدى الباحث مجموعة من الطرق لاختيار الموضوع:

أ‌-                     اقتراح الأستاذ:

طبعا يختلف الباحثين لاختلاف درجاتهم فالطالب المبتدئ ليس بدرجة الذي يعد أطروحة، فبحث الأول لبس أكثر من تمرين يتعلم فيه آليات وتقنيات البحث فهو لا ينجز بحثا من اجل "الوصول إلى نتائج علمية جديدة لم تكن معروفة من قبل"[3] وإنما يتدرب علي استخدام المنهج لهذا السبب لا بأس أن يمده الأستاذ المشرف بقائمة من الصادر والمراجع ويقترح عليه موضوعا مناسبا.

ب‌-                الاستوحاء من المصادر والمراجع :

إن التحديد الأولي لزمان ومكان البحث الذي اشرنا إليه في ما سبق من القول يرشدنا إلى قامة المصادر و المراجع الخاصة بالمكان المحدد خلال الزمان المحدد،فسيجد في آخر هذه المراجع قائمة الكتب المتعلقة بعصر بحثه،ومن خلال القائمة ينطلق باحثا عن موضوع،[4] إما :

·                      من خلال إشارات في بعض الفصول تشير إلى أن موضوعه لا زال يحتاج إلى بحث و تمحيص.

·                      أن يكتشف الباحث أن موضوعا ما لم تتناول هذه الكتب بالشكل الكافي ولا يزال يحتاج إلى بحث أو أن الموضوع غير مدروس بجدية أو ناقص...


2-               خطة البحث

في اللحظة التي يحدد فيها الباحث موضوع بحثه تكون خطوته القادمة هي رسم خطة أولية للبحث، وسيستمد عناصرها من وإحاطته بجميع جوانب الموضوع وسيتأتى له ذلك خاصة وأنه وقف عند مجموعة من المراجع. إن الخطة هذه هي عبارة عن تصميم أو رسم أولي لمحتويات البحث من أبواب وفصول، إننا نتحدث هنا عن النقاط الأساسية ، أو هيكل أولي يحدد الأبواب والفصول التي سيحتوي عليها البحث[5]. ويجب ان يكون عنوان البحث جذابا، شاملا لكل عناصره  وترتيب عناصره سليما [6].

3-                   جمع المعلومات


يجمع الباحث مجموعة من الكتب ذات الصلة بموضوعه، والتي سيعتمد عليها للانجاز بحثه وقد سبق أن اشرنا إلى الطريقة التي ترشده إليها. وهي من ستشكل لائحة البيبليوغرافيا وهذه الكتب تحتاج  إلى تنظيم وضبط  ويتخذ لكل منها بطاقة يكتب اسم كاتبه، اسمه، مكان الطبع، دار الطبع، الطبعة،وتاريخ الطبع.
عادة ما تتفاوت المصادر و المراجع حسب أهميتها لهذا يستحسن ترتيبها وترقيمها حسب الأهمية .وتنقسم إلي ثلاثة أنواع :


·              المصادر والمراجع الأساسية.
·              المصادر والمراجع الثانوية.
·              المصادر والمراجع التكميلية.

هنا يكون الأمر سهلا فيبدأ بالأهم  فالأهم ، ولكي تكون القراءة منظمة لابد من ربطها بخطة البحث ويستحسن كذلك الاستعانة بوسيلة الجذاذات .


4-               نقد المادة


قبل الشروع في كتابة البحث في شكله النهائي لابد من تحليل المعلومات المحصل عليها وفرزها والتأكد من صحتها وتوزيعها على عناصر الخطة، ان هذه العملية تعد عملية أساسية في المنهج وتعرف بنقد الأصول.
لا ينبغي أبدا تقديس المعلومات المستمدة من المصادر أو المراجع ولو كانت وثيقة رسمية إلا بعد إخضاعها لعملية النقد و التمحيص المنهجيين، ونعلم أن نقد الأصول ينقسم إلى قسمين أساسيين[7] :

·              النقد الخارجي،: خلاله نقوم بدراسة الأصل من خارجه أي نحاول التأكد من شخصية المؤلف ونسبته إليه،ومن الخط والأسلوب التي كتبت به الوثيقة، كما ندرس نوعية الورق وزمان ومكان كتابة النص.
·              النقد الداخلي: نحاول أن نتتبع الحالات النفسية والعقلية للكاتب، ومدى إيمانه بما كتب ومدي حياده أو انحيازه.


5-                الكتابة


إنها آخر مرحلة ينتهي عندها البحث ولها مجموعة من الشرط  الشكلية والمضمونية:

عادة ما يتضمن البحث ما يلي:


·           الإهداء
·           التقديم العام
·           طرح الإشكالية
·           دواعي وأسباب اختيار البحث
·           وصف موجز لتصميم الموضوع
·           الصعوبات و الشكر
·           تقديم المصادر المراجع ونقدها
·           التهميش
·           لائحة المراجع
·           الفهرس

دون أن نسي سلامة الأسلوب و اللغة خلال المتن، واحترام الترقيم والتماسك المنهجي...
 

إن عرض المنهجية من بين الموضوعات الأصعب إذ لا يمكن الإحاطة بجميع عناصرها، ولكن حاولنا أن نقف باختصار عند أهم  نقاط منهجية البحث التاريخي.

المراجع

o       العربي الحمدي، الأساس في منهجية البحث، ط1، مطبعة وراقة سجل ماسة، 2007
o       منهج البحث في التاريخ، محمود محمد الحويري، ط2001، نشر المكتب المصري لتوزيع المطبوعات.
o       الفضلي عبد الهادي ، أصول البحث، دار الكتاب الإسلام،1990 ، ص28


[1]   العربي الحمدي، الأساس في منهجية البحث، ط1، مطبعة وراقة سجل ماسة، 2007،ص13
[2]  نفس المرجع،ص 13
[3]  منهج البحث في التاريخ، محمود محمد الحويري، ط2001، نشر المكتب لمصري لتوزيع المطبوعات. ص 245
[4]   الفضلي عبد الهادي ، اصول البحث، دار الكتاب الاسلام،1990 ، ص28
[5] العربي الحمدي: مرجع سابق، ص 17
 [6]   محمود محمد الحويري، مرجع سابق ص 252
[7]   نفس المرجع ص259 

هناك تعليقان (2):